يمرّ قطاع السيارات بمرحلة غير مسبوقة على المستوى العالمي والإقليمي بفعل انتشار جائحة كوفيد-19 الحالية، مما اضطر علامات السيارات التجارية أن تسارع إلى معالجة الاضطرابات العالمية في سلاسل التوريد، وخلال فترات طويلة من عمليات الإغلاق وتقييد الحركة. ومع ذلك، يمنح هذا التوقف المؤقت في النشاط العلامات التجارية فرصة للتفكير في الطريقة التي تتواصل بها مع العملاء والشركاء والوكلاء الحاليين والمحتملين وتتعامل معهم، ويوضح كيف يجب أن يتغير هذا الأمر فيما نستعدّ لعالم ما بعد كوفيد-19.
وفي ظل ازدياد الاستهلاك عبر الإنترنت، تبرز توقعات متزايدة من المستهلكين بأن تعي العلامات التجارية مسؤوليتها الإجتماعية فيما تستمر في تقديم منتجات تهمّهم. نحن بحاجة إلى تحقيق التوازن بين توفير الطرق الصحيحة والمستوى المناسب من التواصل وتعزيز الولاء للعلامة التجارية. ويعني هذا التركيز أكثر والحرص على أن تكون كافة النهج مسؤولة وشفافة ومتمحورة حول المستهلك بالمقارنة مع التواصل القائم على المنتجات والمبيعات.
في هذا الإطار، حددنا ثلاث مجموعات احتاجت إلى تواصل سريع وفعال حيث أنّ الوباء طال العملاء والموظفين والشركاء وتطلبت كل شريحة نهج تواصل مختلفًا. بالنسبة إلى العملاء، سلّطنا الضوء على التدابير الاحترازية التي تم وضعها والقنوات البديلة لدعم السيارات؛ وبالنسبة إلى الموظفين، قمنا بتسهيل العمل عن بعد لمنح الأولوية لصحتهم ورفاههم، وأجرينا مناقشات مع شركائنا لمعالجة مخاوفهم الفورية والتخطيط للمستقبل.
كما قام عدد من مصنّعي السيارات، بما في ذلك نيسان، بتوجيه خبراء اللوجستيات والإنتاج نحو “هندسة الأزمات” من أجل تصنيع وتسليم المعدات الطبية المتخصصة للمستشفيات في جميع أنحاء العالم. فقد بدأ مصنعنا في برشلونة بإنتاج أجهزة التنفس Q-Vent، وتولّى مصنع “ساندرلاند” في لندن فرز وتعبئة أقنعة الوجه الواقية لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، بالإضافة إلى تصنيع أقنعة واقية للوجه في اليابان.
من هنا، علينا أن نعي أنه يمكن للأولويات أن تتغير بين ليلة وضحاها، وبالتالي، لا بدّ من الحفاظ على المرونة والتكيّف مع الأوضاع. فقد أطلقت نيسان الشرق الأوسط في بداية الأزمة مقطع فيديو بعنوان “مناجاة الطرقات الخالية” الذي أيّد الدعوة التي وجّهها المسؤولون للمواطنين والمقيمين للبقاء في المنزل. لكنّ تخفيف القيود خلال الأسابيع القليلة الماضية يشير إلى الحاجة إلى إعادة النظر في تأثير ذلك على سلوك المستهلك واحتياجاته. وقد بدأنا بلمس توجّهات جديدة ستستمر في صياغة مستقبل قطاع السيارات في مرحلة ما بعد كوفيد -19.
1. الاكتساح الرقمي: سلّط الخبراء الضوء لسنوات على الأهمية المتزايدة لوسائل الإعلام عبر الإنترنت والشبكات الاجتماعية لناحية التواصل مع المستهلكين. وقد برز هذا الأمر واضحاً مع تفشي الوباء الحالي. ليس الإنترنت مجرد تفضيل، بل أصبح أسلوب حياة، ويزداد عدد الأشخاص الذين يستخدمونه من خارج فئة مَن عايشوا التطوّر الرقمي.
ستشهد رحلة العميل بعد كوفيد -19 وقتاً أطول على الإنترنت، مما يحتّم على علامات السيارات التجارية تسريع ترسيخ حضورها الرقمي وتوفير نقاط اتصال متعددة للمستهلكين بدءاً من مرحلة الاكتشاف وصولاً إلى المبيع وما بعدها. ويتعين على المزيد من العلامات التجارية النظر في تحديث برنامج إطلاق السيارات المعتاد واستكشاف الحلول التي تعتمد على التكنولوجيا للتواصل مع العملاء بشكل مباشر أكثر.
2. القيمة مقابل المال: مع استمرار الدول في معالجة الآثار طويلة الأمد لكوفيد-19 على الاقتصادات، يستعد المستهلكون لفترة تعافٍ طويلة، الأمر الذي سيؤثر بدوره على أنماط إنفاقهم خلال الأشهر القادمة. وبما أنّ السيارات تُعتبر استثماراً مهماً، سيسعى الشراة الحاليون والمحتملون إلى الحصول على أكبر قيمة ممكنة من عملية الشراء. وقد بدأت علامات السيارات التجارية بطرح خيارات تمويل مرنة خلال هذه الفترة، إلا أننا سنحتاج أيضًا إلى النظر في خدمات أخرى ذات قيمة مضافة لجذب وخدمة العملاء بما في ذلك تمديد الكفالة وعقود الخدمة، والتي يمكن أيضًا أن ترفع قيمة السيارات المعاد بيعها.
3. تشدّد تدابير الصحة والسلامة: على الرغم أنه من المتوقع أن ينتعش قطاع التنقل مع تراجع حدة الوباء، سيبقى معظم المستهلكين حذرين عندما يتعلق الأمر بالصحة والسلامة. وتعدّ السلامة عاملاً رئيسيًا في عملية الشراء، ولذا نتوقع زيادة الطلب على مزايا مثل أنظمة تنقية الهواء والفلاتر، خاصة في السيارات العائلية.
وانعكس عنصر الأمان على خدمات ما بعد البيع حيث بدأ تطبيق إجراءات تعقيم صارمة على جميع السيارات التي يتم تسليمها للعملاء، ونتوقع أن يستمر هذا بالتأكيد في الأشهر القادمة.
4. أهمية الملاءمة: مع تطوّر الوضع الحالي، يبحث الأشخاص عن العلامات التجارية التي تقدم حلولاً يمكن أن تسهل حياتهم وتدعم خططهم المستقبلية، ولا تُستثنى من هذا الواقع شركات السيارات. ومن هنا تبرز الحاجة إلى توسيع نطاق خدمات ما بعد البيع المقدمة للعملاء، وكذلك توفيرها عبر الإنترنت لتسهيل الوصول إليها واستخدامها. وقد بدأ عدد من وكلاء السيارات في المنطقة بالفعل بإتاحة صيانة السيارات واختبار القيادة من المنزل، ونتوقع أن يسود هذا التوجّه لفترة طويلة بعد كوفيد-19، بحيث تتيح الخيارات الأكثر ملاءمة التفوّق على المنافسين.
يشكّل ما ورد أعلاه جزءاً من التوجّهات التي نتوقعها من منظور المستهلك، ويبقى من الضروري أن تحافظ علامات السيارات التجارية في فترة ما بعد كوفيد-19 على سرعة تكيّفها. فمع تخفيف القيود في الأسابيع القادمة، يتعين على قطاع السيارات اعتماد نهج عمليّ لفهم تفضيلات العملاء واحتياجاتهم من أجل بناء القدرات في الوقت الحقيقي وتوفير حلول فعالة تؤدي إلى زيادة الوعي بمنتجات القطاع وخدماته وكذلك كسب العلامات التجارية ولاء العملاء على المدى الطويل.